يقع كثير من الأدباء الشباب في معضلة كيفية بناء وإنشاء شخصيات رواياتهم، حيث إنشاء الشخصيات يُعد أحد أكثر الأجزاء إثارة وتحدياً في كتابة الرواية، فالقدرة على إعطاء الشكل والشخصية للأبطال الذين سيمنحون الحياة للعمل الأدبي الذي شغل فكر ووجدان الأديب لفترة طويلة يمكن أن تكون مهمة مثيرة للغاية، ولكن لكي تكون ناجحة، فإنها تتطلب وقتاً وعملاً مسبقاً، بالسياق التالي “سيدتي” تخبرك إذا كنت أديباً شاباً… كيف تنشئ شخصيات روائية ناجحة.
إنشاء شخصيات الرواية ليس بالأمر الهين
شابة مستغرقة بالتفكير تؤلف رواية
يقول الكاتب الروائي سامح سيف الدين راضي – عضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب لسيدتي: إن القدرة على خلق خيال لشخصيات ذات أبعاد نفسية واجتماعية مختلفة تولد التعاطف والرفض والحنان أو حتى الازدراء من جانب القارئ يعد إنجازاً كبيراً، كما أن منح الحياة لشخصية ما ليس بالأمر الهين، فالأمر لا يتوقف عند إعطاء الشخصية اسماً ثم تلقي بها في أتون تدفقات القصة وسياقاتها، فقد يتطور الأمر لتجد أنك تغير هوية الشخصية لتتماهى مع أحداث الرواية، أو قد تجد نفسك مضطراً لتغيير بعض أحداث القصة لتتسق مع ماهية الشخصية وأخلاقياتها، وقد تجد نفسك وقعت في سلسلة من التحديات تجعلك تضع تغيرات جذرية لم تكن تريدها بالأحداث، ولذلك قبل البدء في تقديم شخصيات روايتك، من المفيد جداً التفكير في سلسلة من الخطوات التي ستكسب شخصيتك وزناً وصدقاً ومصداقية وستسبغ عليها الحلة التي تليق بها وتستحقها.قد ترغب في التعرف إلى المزيد عن أهم عناصر الرواية
خطوات إنشاء شخصيات الرواية
واقع الحياة مصدر إلهام
واقع الحياة اليومي هو أفضل مرجع يمكنك العثور فيه على مختلف الشخصيات بمختلف الأبعاد، وكل ما تحتاجه فقط النظرة الثاقبة حيث تتمثل وظيفة الكاتب في أغلب الأحيان قبل الكتابة في الملاحظة، إن القدرة على أخذ مراجع من الأشخاص وإيماءاتهم وردود أفعالهم وحواراتهم يمكن أن تكون مصدراً للإلهام، كما يمكنك إسباغ جزء من شخصيتك كمؤلف على أن مراقبة المحيطين لك، أو حتى العمل الميداني ضروري لتشكيلها بشكل كامل.
اختر الزمان والمكان
هناك سمات عالمية لجميع أنواع الشخصيات؛ مثل قيمهم الأخلاقية أو مشاعرهم، ومع ذلك، فمن الضروري أن تنتبه أن تكون الشخصية مناسبة ومتماسكة وغير متناقضة إنسانياً، بحيث تكون واضحاً، قبل البدء في بنائها، في أي سياق إنساني واجتماعي وثقافي ستتطور، إن إنشاء شخصية من العصور الوسطى ليس مثل تلك الموجودة في وقت ما في المستقبل.
كيفية بناء الشخصية
بمجرد الانتهاء من العمل الميداني والملاحظة والاستقرار على ملامح الشخصية الأساسية وهندسة بنائها الإنسانية والأخلاقية، واعتماد الزمان والمكان والتوافق حول الحبكة، فقد حان الوقت للبدء في إنشاء الشخصيات المختلفة من حيث النوع والنفسية والصراعات الوجدانية، وحتى المهنة هي بعض الجوانب التي يجب عليك تصميمها لإضفاء الواقعية لكل شخصية، ولإنشاء صورة واقعية للشخصية لا يمكن ترك تفاصيل ومعلومات معينة عن الشخصية لخيال القارئ فينبغي تحديد:
عمر الشخصية.
الوظيفة أو مهنة الشخصية.
اسم الشخصية.
نوع الشخصية ذكر أو أنثى.
شكل الشخصية أو مواصفاتها الجسدية.
صراع الشخصية ما بين الإنسانية والشر
أديبة شابة تفكر وتضع الخطوط العريضة لأفكار روايتها
في الأدب لا توجد شخصيات جيدة وشخصيات شريرة، وعلى الرغم من أن المتلقي العادي قد يعتقد أن الشخصية الشريرة تكون سيئة للنهاية وفي كل الأمور كما نجده في بعض القصص الكلاسيكية، لكن الحقيقة هي أنه حتى أكثر الشخصيات شراً لديها فروق دقيقة تجعلها إنسانية، لذلك يجب أن تكون طريقة تمثيل الشخصية مشروطة ليس بطبيعة الشخصية الفطرية، بل بالصراع الذي تشارك فيه.كذلك لابد من الانتباه أن الرواية لكي يكون لها إيقاع رنان لا بد للأديب أن يجعل الشخصيات تتطور وتثري نفسها، من المهم للكاتب أن يفكر في صراع مركزي يجعل الشخصيات تتموضع حوله حيث يظهر للمتلقي أين تبدأ حدود الشخصية، وكيف ستتشكل في اتجاهات مختلفة.
وإذا تابعت السياق التالي فستتعرف إلى: أنواع الراوي في الرواية
تكييف الشخصية وصفاتها مع سياق الرواية الأدبية
إحدى الخطوات الهامة قبل البدء بكتابة الرواية هي وضع خط إرشادي حول الدور الذي ستلعبه كل شخصية داخل الحبكة أو العقدة، بحيث تتجه في هذا الاتجاه، ومع ذلك، فمن ثراء العمل أنه بعد تصميم الحبكة والزمان والمكان وبناء الشخصيات، العمل على تطوير كل شخصية مع تطور الأحداث وتقدمها، وهو ما يغذيه ويثريه إلهام المؤلف وحدسه.
لا يوجد عدد معين للشخصيات
يتمتع كل مؤلف بالحرية الكاملة والحق الإبداعي عند كتابة نصوصه الأدبية، فلا يوجد قاعدة معينة لعدد الشخصيات فمن الممكن أن تكون هناك رواية قائمة على شخصين أو ثلاثة أو حتى عشرات الشخصيات، ومع ذلك، كقاعدة عامة، عادة ما يكون هناك العديد من الشخصيات الأساسية والثانوية في العمل أكثر مما تعتقد، وعليك أن تأخذها جميعاً في الاعتبار عند بدء الكتابة، فبالإضافة إلى بطل الرواية وخصمه الضروري، هناك سلسلة من الشخصيات، مع العلم أن كثرة الشخصيات عامة تكمل وتغذي الحبكة، ومن الجدير التوقف لتصميمها لتوليد المزيد من الصدق والتعاطف والعاطفة والإيقاع.
أنواع الشخصيات
الأبطال: هم نجوم الرواية، أولئك الذين يحملون كل ثقل الحبكة، وبطريقة ما، هم الذين صممت الرواية من أجلهم، ليس من الضروري أن يكون هناك بطل واحد فقط في كل رواية، يمكن لخيال المؤلف ونيته أن يخلقا عدة أبطال، على سبيل المثال، في مساحات زمنية مختلفة من العمل.
الخصوم: لكي تظهر الشخصية وتتبلور داخل سياق الرواية لا بد من ظهور النقيض أو الخصم، والخصم هو الوجه الآخر للعملة (البطل)، في العديد من المناسبات تم تلخيصه على أنه الشرير في القصة، الشخص الذي يحرك بطل الرواية، ويدفع الأحداث للذروة، وقد يكون هو محور العقدة أو الحبكة.
الشخصيات الثانوية: وهي الشخصيات التي تدعم بطل الرواية وخصمه، حيث يتم إنشاء عدد من الشخصيات الثانوية، والتي لا يكون لها وزن كبير داخل الحبكة، ولكن يجب أن يكون لها تطور متعمد بالقدر نفسه، هذه الشخصيات مثل: حبيب أو حبيبة البطل، أخ البطل، مساعده، أو صديقه، أو عائلته.
شخصيات المستوى الثالث: وهي ما يقال عنه خلفية الرواية، أو الشخصيات المساعدة وبالدراما يطلق عليهم الكومبارس، وهذه الشخصيات هي مجرد مكمل للشخصية تكسب الرواية واقعية ومصداقية، وهي شخصيات عابرة لا وزن درامي لها ولا تحرك الأحداث.
يمكنك التعرف إلى المزيد من ذات السياق إذا تابعت الرابط: خطوات أساسية قبل خوض تجربة كتابة رواية