ما هي قصة مريم عليها السلام؟

جدول المحتويات
في عالم يمتلئ بالقصص والأساطير، تبقى قصة مريم عليها السلام من أعظم القصص التي سجلها التاريخ وخلدها الوحي الإلهي، إنها ليست مجرد حكاية عن امرأة صالحة، بل هي ملحمة إيمانية تُجسّد الطهارة والصبر والثقة المطلقة بالله في أصعب اللحظاتن اصطفاها الله من بين نساء العالمين، وأكرمها بمعجزة لا نظير لها، فأنجبت نبيًّا من غير أب، ليكون ذلك آية للعالمين ودليلًا على قدرة الله المطلقة، في هذا المقال، نغوص معًا في أعماق قصة مريم عليها السلام، ونستخرج منها دروسًا إيمانية وعبَرًا إنسانية تلهم القلوب والعقول.
من هي مريم عليها السلام؟
مريم عليها السلام هي بنت عمران، وأم نبي الله عيسى عليه السلام، وأحد أعظم النساء في التاريخ الإنساني والديني خُلقت مريم في بيئة مفعمة بالإيمان والعبادة، ونشأت نشأة طاهرة منذ ولادتها، فقد نذرتها أمها لخدمة بيت المقدس، فكانت من العابدات القانتات، ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم تكريمًا لمكانتها، بل خُصصت لها سورة كاملة باسمها، “سورة مريم”، وهي السورة الوحيدة التي حملت اسم امرأة، وصفها الله بأنها “التي أحصنت فرجها”، واصطفاها على نساء العالمين، وجعل منها آية خالدة للناس، تُجسد مريم عليها السلام النموذج الأعلى للمرأة المؤمنة الصابرة الطاهرة، وهي واحدة من أربع نساء كملن، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، واسمها يتكرر في القرآن أكثر من أي امرأة أخرى، ما يدل على عظمتها ومكانتها في الإسلام.
أقرأ ايضا: قصة قصيرة جديدة للأطفال تناسب جميع الأعمار وتحمل رسالة هادفة
ولادة مريم وتربيتها في المحراب
بدأت قصة مريم عليها السلام قبل ولادتها، حين نذرت والدتها، زوجة عمران، أن تهب ما في بطنها محررًا لله، أي مخصصًا لخدمة بيت المقدس، فلما وضعتها أنثى، قالت:
“ربِّ إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى، وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم”
[سورة آل عمران: 36]
استجاب الله لهذا الدعاء، فتقبل مريم عليها السلام بقبول حسن، وأنبتها نباتًا طيبًا، وأسند تربيتها ورعايتها إلى نبي الله زكريا عليه السلام، فكانت تنشأ في بيئة إيمانية نقية، محاطة بالعبادة والعلم والطهر.
كانت مريم تعبد الله في المحراب، وقد خصها الله بكرامات؛ فكان زكريا عليه السلام يجد عندها طعامًا غير مألوف، فيسألها:
“يا مريم أنّى لك هذا؟” فتقول: “هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب”
[سورة آل عمران: 37]
هذه التربية الروحية والعناية الإلهية منذ الصغر، كانت تمهيدًا لما سيحمله قدر مريم عليها السلام من دور عظيم في التاريخ والنبوة.
الاصطفاء الإلهي لمريم عليها السلام
في مشهد مهيب من التقدير والتكريم، يخبرنا القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى اصطفى مريم عليها السلام مرتين، وجعلها من بين نساء العالمين في مرتبة لا تضاهيها مرتبة، قال تعالى:
“وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين”
[سورة آل عمران: 42]
جاء هذا الاصطفاء نتيجة طهارتها، عبادتها، وخشوعها لله منذ نعومة أظفارها، فكانت مريم عليها السلام تُعَد من القانتين، لا تفتر عن الذكر، وقد بلغ تواضعها وخوفها من الله أن أصبحت نموذجًا يُضرب به المثل في الإيمان والورع.
اصطفاء الله لمريم لم يكن فقط تشريفًا، بل كان تمهيدًا لحملها بالمعجزة الإلهية: عيسى عليه السلام، دون أن يمسسها بشر، وهذا الاصطفاء لم يكن اختيارًا عشوائيًا، بل كان اصطفاءً مبنيًا على صفاء القلب ونقاء السريرة، ما جعل قصة مريم عليها السلام قصة استثنائية في سجل النساء الصالحات.
معجزة الحمل بعيسى عليه السلام
من أعظم أحداث قصة مريم عليها السلام هي معجزة حملها بنبي الله عيسى دون زواج، حيث أرسل الله إليها جبريل عليه السلام ليبشرها بالغلام الزكي.
رغم دهشتها واستغرابها، سلمت لأمر ربها وقالت:
“إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا”
[سورة مريم: 18]
وقد جاءها المخاض في مكان بعيد، وهناك ولدت عيسى عليه السلام، فأنطقه الله وهو في المهد ليُبرئ أمه من الظلم، وتكون الآية الكبرى للناس.
ماذا قالت مريم حين حملت وولدت؟
عندما بشّرها جبريل عليه السلام بأنها ستلد غلامًا زكيًّا، شعرت مريم عليها السلام بالدهشة والرهبة، وقالت في دهشة:
“أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيًّا؟”
[سورة مريم: 20]
لكن جبريل طمأنها أن الأمر قضاء إلهي، وأن الله إذا قضى أمرًا فإنما يقول له “كن فيكون”.
وبعد أن بدأت آلام المخاض، ابتعدت مريم عليها السلام عن الناس واعتزلت مكانًا قصيًّا، واشتد عليها الألم والحزن والخوف، حتى قالت في لحظة ضعف إنساني:
“يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا”
[سورة مريم: 23]
تمنّت الموت من شدة ما واجهته من الألم الجسدي والنفسي، ومن الخوف مما سيقوله الناس عنها، وهي العفيفة الطاهرة.
لكن الله لم يترك مريم عليها السلام، بل أرسل إليها طمأنينة وسكينة، وأوحى إليها أن لا تحزن، وأن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها رطبًا جنيا، وأمرها أن تصوم عن الكلام، وتترك مهمة الدفاع عنها لابنها الرضيع.
وبالفعل، أنطق الله عيسى عليه السلام في المهد فقال:
“إني عبد الله، آتاني الكتاب، وجعلني نبيًا… وبَرًّا بوالدتي”
[سورة مريم: 30–32]
وهكذا دافع عيسى عن أمه، لتكون قصة مريم عليها السلام دليلًا خالدًا على الطهر والمعجزة، ولتصبح رمزًا للمرأة المؤمنة الصابرة التي يكرمها الله في الدنيا والآخرة.
مكانة مريم عليها السلام في الإسلام
تحظى مريم عليها السلام بمكانة رفيعة في الإسلام، لم تنلها أي امرأة غيرها، فقد مدحها الله في مواضع كثيرة من القرآن، وأفرد لها سورة كاملة باسمها، وهو تكريم لم تحظَ به حتى أمهات الأنبياء.
قال الله تعالى:
“ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها، فنفخنا فيه من روحنا، وصدّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين”
[سورة التحريم: 12]
واختصها النبي محمد ﷺ بالذكر في حديثه الشريف حين قال:
“كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون…”
[رواه البخاري]
تُمثل مريم عليها السلام في العقيدة الإسلامية رمزًا للطهر والإيمان، وهي قدوة للنساء في العفّة والعبادة، ومثال حيّ على أن الصبر والثقة بالله يرفعان الإنسان إلى أعلى المراتب.
وليس من المصادفة أن يُذكر اسمها في القرآن أكثر من 20 مرة، وأن تُروى قصة مريم عليها السلام بكل تفاصيلها المؤثرة، ليبقى هذا النموذج الإيماني حيًّا في قلوب المؤمنين عبر الأزمان.
مريم في القرآن والسنة
ذُكرت مريم عليها السلام بالاسم أكثر من 20 مرة في القرآن الكريم، في سور مثل آل عمران، مريم، النساء، والأنبياء، وذُكرت قصتها في سياق الحديث عن المعجزات والإيمان والطهر.
لماذا قصة مريم عبرة لكل مؤمنة؟
تمثل قصة مريم عليها السلام رسالة قوية لكل فتاة وامرأة مؤمنة؛ لأنها تجسد القوة في الطهارة، والثبات على القيم، والصبر على الابتلاء، والتسليم لقضاء الله حتى في أصعب الظروف.
أسئلة شائعة عن مريم عليها السلام
ما هي ديانة مريم عليها السلام؟
كانت مريم مؤمنة بالله وحده، على ملة التوحيد قبل بعثة النبي محمد، وهي من أهل بيت النبوة.
كيف كان عيسى عليه السلام مع أمه؟
كان بارًا بها، وذكر ذلك في أول كلماته:
“وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا”
[سورة مريم: 32]
لماذا اختار الله مريم لهذه المعجزة؟
لأنها بلغت أعلى درجات الطهر والإيمان، واصطفاها الله على نساء العالمين.
وبذلك نصل إلى ختام رحلتنا في قصة مريم عليها السلام، تلك القصة التي تلهم القلوب وتفتح أبواب التأمل في قدرة الله ورحمته، تعلمنا منها أن الصبر مفتاح الفرج، وأن الإيمان الصادق لا يضيع، وأن الله يكرم عباده المخلصين بما لا يخطر على بال.
أقرأ ايضا: التعريف بعبد الله بن عمر وقصة إسلامه واستشهاده – جوري
أحدث الأخبار
- ما هي فاكهة القشطة وما القيمة الغذائية لها؟
- ما هي وحدة قياس الوزن..بالأمثلة
- ما هي زهرة الاوركيد ولماذا تعتبر من أندر وأجمل الزهور؟
- أفضل دعاء لنفسي لتغيير الحال للأفضل
- ما هي قصة يونس عليه السلام؟
- ما هو دعاء دخول الحرم وما فضله؟
- رسوم دلة لتعليم القيادة للنساء: لأحدث أسعار الدورات 2025
- هل فقدت صورك؟ إليك دليل استرجاع الصور المحذوفة من الايفون خطوة بخطوة
- ما هو تعريف المزيج التسويقي بين النظرية والتطبيق؟
- دعاء التوبة والرجوع إلى الله | أدعية قصيرة ومستجابة