منوعات

يقال أن ذو القرنين وصل إلى منطقة

في رحلة ذو القرنين العظيمة، هناك قصة ملهمة تجسد جوهر الدعوة العملية وأهمية الأخلاق في نشر الرسالة. قصة تُبيّن أن الأفعال أبلغ وأعمق أثرًا من الكلمات وحدها، وأن الأخلاق هي المفتاح الحقيقي لفتح القلوب والعقول.

قبائل في ظلام الجهل

وصل ذو القرنين في إحدى رحلاته إلى منطقة نائية تسكنها قبائل بدائية، لا يجيدون الحديث ولا يعرفون القراءة ولا الكتابة، كانوا حفاةً عراةً يسكنون في جحور الأرض، لا يعرفون الزراعة ولا بناء المنازل ولا صناعة الملابس.

التعليم قبل الدعوة

على الفور، باشر ذو القرنين بجمع أهل هذه القبائل، فبدأ بتعليمهم القراءة والكتابة، وأرشدهم إلى فنون الزراعة والبناء، وعلّمهم كيف يبنون منازل تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وكيف يحفظون المياه ويصنعون الملابس.

وفي أثناء ذلك، جاء إليه أحد القادة الدينيين مستغربًا، فقال له:

  • “ألا ندعوهم لعبادة الله الواحد أولاً، حتى لا نصنع الخير في غير أهله؟”
  • فالتفت إليه ذو القرنين بحكمة قائلاً:
  • “فلنستر عورتهم ونشبع بطونهم، وبعد ذلك سنتحدث في هذا الأمر.”

تغيير حقْيقي

مكث ذو القرنين بين هذه القبائل فترة من الزمن، إلى أن تحولت حياتهم كليًا، أصبحوا مجتمعًا متحضرًا، يتقنون الزراعة والصناعة والقراءة والكتابة. شعر ذو القرنين بعد ذلك أن الوقت قد حان للرحيل.

ولكن قبل أن يرحل، جاءه أهل تلك القبائل ليسألوه سؤالاً واحدًا:

“ما هو دينك؟ من الرب الذي تعبده؟”

لقد أثّرت أفعاله فيهم لدرجة أنهم هم من سألوا عن سرّ هذه الأخلاق العظيمة وهذا الخير الوفير.

الدعوة بالأفعال لا بالأقوال

حينها بدأ ذو القرنين يشرح لهم بكل بساطةٍ عن الله الواحد الأحد، الرب العظيم الذي خلق الكون ودبّر أمره. لم يكد ينهي كلامه، حتى آمن كل أفراد القبائل دون تردد، لأنهم شهدوا أفعاله قبل أن يسمعوا أقواله.

ثم التفت ذو القرنين للقائد الديني الذي تحدث سابقًا وقال له بحكمة:

“دع عملك وأخلاقك تحدث الناس عن دينك وما تعبد.
كن قدوةً حسنةً واجلب الخير للناس، حينها سيأتي الجميع يسألونك عن ربك ودينك.”

دعوة عمر بن الخطاب: “كونوا دعاة وأنتم صامتون”
وهذا ما عبّر عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال:

“كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون.”

سأله الصحابة باستغراب:

“وكيف ذلك يا خليفة رسول الله؟!”

فأجابهم بكل بساطة وعمق:

“بأخلاقكم.”

إن الأخلاق هي المفتاح الأعظم للدعوة، والتغيير الحقيقي يبدأ بالأفعال لا بمجرد الأقوال. كن نموذجًا حيًا لما تؤمن به، وسترى كيف ينجذب الناس نحو رسالتك وقيمك.

نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو سبحانه وتعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى