منوعات

أسباب وأحداث حرب الكرامة

يعتبر يوم الكرامة من المناسبات الوطنية المهمة في تاريخ الأردن، فهذا اليوم لا يقتصر على كونه ذكرى معركة بل يحمل معانٍ مشرفة عن الفخر والبطولة والتضحية ويشكل نقطة تحول في التاريخ الحديث للمملكة الأردنية الهاشمية والمقاومة الفلسطينية، ويعتبر هذا اليوم حدثًا مهمًا في ذاكرة الأردنيين والفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام لنجاحهم في صد القوات الإسرائيلية عن إحدى محاولاتهم للعدوان، وسوف نتعرف من خلال موقعنا لتفاصيل هذه المعركة.

نبذة تاريخية عن معركة الكرامة

إن معركة الكرامة هي اشتباك مسلح وقع في يوم 21 مارس لعام 1968 م ببلدة الكرامة الأردنية الواقعة على الحدود الغربية للأردن، ولقد استمر هذا الاشتباك لخمسة عشرة ساعة متواصلة بين القوات المسلحة الأردنية بالاشتراك مع فصائل من منظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة العدو الإسرائيلي، وكانت هذه المعركة في غمار فترة حرب الاستنزاف التي تلت نكبة 1967 م وهي الفترة التي حاولت فيها إسرائيل استغلال تدهور أوضاع العرب.

أسباب وأحداث حرب الكرامة

في يوم الكرامة حاولت قوات الصهاينة احتلال نهر الأردن لأسباب استراتيجية من وجهة نظرهم الطامعة، ولقد نجحت بالفعل في عبور هذا النهر من محاور متعددة عن طريق عمليات التجسير وأسفل غطاء جوي مكثف من طائراتها.

إلا أن جيش الأردن قد تصدى لها بشكل فوري على طول جبهة القتال الممتدة من شمال الأردن إلى الجنوب حيث البحر الميت، ولقد وقع الاشتباك في قرية الكرامة فيما بين الجيش العربي والفدائيين ضد القوات الإسرائيلية بمعركة استمرت 50 دقيقة دون توقف، ولكن استمرت بعدها معركة شرسة بين جيش الأردن والقوات الإسرائيلية لأكثر من 16 ساعة.

أسفر الأمر عن اضطرار قوات اليهود للتراجع والانسحاب التام من ميدان المعركة مُخلِّفين ورائهم خسائر فادحة للمرة الأولى وعدد كبير من القتلى ولم يتمكنوا من سحبها معهم عند الخروج، وبذلك استطاع جيش الأردن بدعم المقاومة الفلسطينية أن يدحروا القوات الإسرائيلية ويطردوهم من المنطقة وغنموا من وراء خسارتهم آليات ومعدات كثيرة كانت من الخسائر الكبرى للكيان الصهيوني.

تمثل هذه المعركة أهمية كبيرة وشرفًا في تاريخ فلسطين المعاصر، وذلك لأنها شكلت نقطة تحول جذري في محاولة السيطرة على الساحة السياسية الفلسطينية ومنظمة التحرير لصالح المقاومة الفلسطينية وخاصةً حركة الفتح، كما أسهمت هذه المعركة في دعم الوجود الفدائي بمنطقة شرقي الأردن ومنحته تعزيزًا شعبيًا فلسطينيًا وعربيًا أيضًا.

بالإضافة إلى المساهمة في إطلاق مفهوم حرب التحرير الشعبية لمواجهة حرب العصابات اليهودية التي قد باتت منتشرة ومتكررة عقب هزيمة الجيوش العربية بعام النكسة واحتلال الصهاينة للضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية وكذلك هضبة الجولان السورية.

أدق تفاصيل معركة الكرامة

عندما اتجهت قوات اليهود صوب الأردن كانت باحثة في الأساس عن ضرب قواعد الفدائيين الفلسطينيين في منطقة الكرامة شمال شرق الأردن، لكن القوات الأردنية التي كانت تتكون من مشاة ومدرعات ودبابات تصدت لها بأشكال عدة من المقاومة وبالرغم التفوق العددي والتكنولوجي للقوات الإسرائيلية إلا أن القوات الأردنية وجنود المقاومة الفلسطينية قد أظهرت شجاعة وصمودًا غير مسبوق مما أدى إلى تكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

هذه الحرب التي دامت عدة ساعات كانت نتيجة مباشرة للاستعدادات والتهيئة العسكرية التي قام بها الجيش الأردني، وكانت هناك مشاركة فعالة للمقاتلين الفلسطينيين مما يبرز روح التعاون بين الأردنيين والفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبفضل هذا التعاون انتهت المعركة بانتصار القوات الأردنية وهو انتصار ساهم في تعزيز الروح الوطنية بين الأردنيين وجعل من اليوم حدثًا خالدًا في الذاكرة الجماعية للأمة العربية.

الأبعاد السياسية لحرب الكرامة

لم يكن ليوم الكرامة أهمية عسكرية فقط بل كان له آثارًا سياسية واضحة حيث فقد أعطى انتصار الأردن دفعة قوية للملك حسين وللقيادة السياسية في الأردن، كما ساعد في تعزيز الموقف العربي في الصراع ضد إسرائيل وجذب الدعم العربي والدولي للقضية الفلسطينية، وبالرغم من أن يوم الكرامة قد مر عليه عقود من الزمن إلا أن ذكراه لا تزال حية في الوجدان ويتم الاحتفال بذكراه كل سنة، كما يحرص الأردنيين من خلال على إحياء ذكرى الشهداء وذكرى الصمود مما ينمي في النفوس روح الفخر والاعتزاز بالوطن.

يعد يوم الكرامة رمزًا للصمود والتضحية وهو يشكل جزءًا هامًا من الهوية الوطنية الأردنية، ولا تزال هذه الذكرى تزود الشعب الأردني بشعور من الفخر والثقة بالنفس والقوة والرغبة في الاستمرار بالمقاومة، بل وتشجعهم على مواجهات التحديات الحالية التي تعترض طريقهم للتخلص من هذا العدو الغاشم.
انعكاسات يوم الكرامة على العلاقات الأردنية الإسرائيلية

إن يوم الكرامة يشكل نقطة فاصلة في العلاقات الأردنية – الإسرائيلية فبعد سنوات من الصراع، وقعت الأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل في السادس والعشرين من أكتوبر لعام 1994 م، ولكن تاريخ هذا اليوم يستحضر دائمًا كذكرى لصراع طويل من أجل الحقوق والقضايا الوطنية لم ولن ينتهِ إلا بالتحرير وما هذه المعاهدة إلى تأجيلًا للنصر التام، وفي الوقت الذي تظهر فيه الأمم المتحدة والعالم انتقادات لإسرائيل بخصوص ممارساتها لا تزال ذكرى الكرامة تغرس روح المقاومة في الفضاء السياسي العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى